أحمد طاهر.
من صغرنا والى الان نقرأ ونسمع من الكبار القول المأثور “عيد ايام زمان احسن من هسة” وانه ايام زمان كانت ابسط والنَّاس ابسط والحياة ابسط وأكثر اجتماعية من يومنا هذا. اليوم لايختلف عن الامس من ناحية لمة الأهل، والجلوس حول المائدة، ولقاء الاقارب، وتهنئة الجيران والاصدقاء والكثير غيرها. سنسلِّط الضوء على العادات والتقاليد العامة والطقوس التي لم تنقرض بين البغداديين تحضيرا قبل، واحتفالا بأيام العيد. بهذا مازال العراقيون يحافظون على نكهة الماضي
عيد الأضحى هو واحد من مناسبتين رئيسيتين في العالم الاسلامي، الاولى هي عيد الفطر احتفالية بنهاية شهر رمضان المبارك ويكون لمدة ثلاث ايام. الثاني هو عيد الأضحى وهو لمدة أربعة ايام وهو المقارن لقصة النبي إبراهيم عليه السلام عندما أراد التضحية بابنه إسماعيل عليه السلام تلبية لامر رب العالمين. ولعيد الأضحى المبارك عدة اسماء بين الشعوب المسلمة. ففي فلسطين و الأردن و لبنان ومصر والمغرب وتونس والعراق وليبيا والجزائر يطلق عليه إسم العيد الكبير وفي إيران عيد القربان، وفي البحرين يسمى بعيد الحج
قبل ايام معدودة من حلول عيد الأضحى، يكون هناك استنفار لدى العائلة يبدأ من تنظيف البيت و اضفاء شكل ورونق جديد استعدادا لاستقبال الضيوف والأقارب. المهمة الاساسية الثانية قبل العيد هي الذهاب الى السوق لشراء ملابس جديدة للأطفال الذي يعتبر من الطقوس المهمة جدا لكي يظهر أطفال العائلة بالحلة الجديدة في يوم مبارك كالعيد. بعض العوائل تقرر شراء الحلويات من محلات لها اسمها في السوق البغدادي مثل الشكرچي، فرج نعوش، والخاصكي وابو عفيف. لكن لايمكن للعيد ان تكون له نكهته الخاصة بدون الكليچة حتى لو تم شراء انواع مختلفة من الحلويات من السوق. تقوم ربة البيت بتحضير الكليچة والتي يجب ان تكون من نوعين، الاولى يُسموها ام التمر والثانية بالجوز والسكر او بالسمسم والسكر

يبدأ العيد الفجر مع صلاه العيد. ينهض الرجال مبكرا والذهاب الى الجوامع اما مشيا على الأقدام او بسياراتهم مصطحبين معهم اولادهم. بعد صلاة العيد يذهب رب البيت الى السوق لشراء الكاهي وگيمر عرب قبل الرجوع الى البيت، الام وباقي الأولاد قد حظروا طاولة الفطور
الكثير من العوائل تجعل اليوم الاول من العيد لزيارة قبور الاحبة، قراءة القرآن على ارواحهم الطاهرة وتقوم العوائل بتوزيع المال والطعام على الفقراء. كذلك اليوم الاول للكثير من العوائل العراقية المخصص لتجتمع العائلة كلها على الغداء. الإخوة والاخوات واولادهم يذهبون الى بيت الجد او الجدة. اولاد الخالة وأولاد العمة يلعبون في حديقة البيت او حتى في الشارع ، الرجال يتبادلون الحديث والقصص بينما النساء في حركة ونشاط لوضع اللمسات الاخيرة للغداء وتحضير المائدة للعدد الكبير وغير المألوف وخاصة اذا كان احد الإخوة او احدى الأخوات وعوائلهم قد جاءوا الى بغداد من محافظات اخرى. تبدأ الزيارات بين الجيران والأصدقاء مابعد الفطور عموما. هناك قسم منهم يخصص العصر لكون بعد الفطور والغداء يكون لزيارات للعائلة والمقربين فقط
من طقوس وعادات العيد الكبير هو إعطاء “العيدية” للأطفال، ويعتمد المبلغ حسب عمر الطفل. لكن هناك بعض العوائل في السنوات الاخيرة من استبدل العيدية بتقدم ألعاب وهدايا للصغار الذين لايفهمون ماهي العيدية. الشباب في المنطقة يكونوا مخططين مسبقا للعيد، وتختلف الاّراء، منها من يفضّل الذهاب للسينما ومنهم من يعجبه المشي في الكرادة داخل او شارع فلسطين او قرب تقاطع الرواد بالمنصور، وهناك من يفضّل ان يكون العيد للذهاب الى الأماكن السياحية والترفيهية المناسبة لكل الإعمار
في العيد، سواء كان عيد الفطر او الأضحى يعتبر فرصة لتنقية النفوس والمصالحة والتراحم بين البشر. نرى الصديق يذهب لبيت صديقه بعد فترة زعل واختلاف، بدون عتاب او جدال العيد له حرمته وسحره في ان تكون القلوب صافية ومبتهجة لكل شي مفرح وإيجابي. الشئ نفسه بين الجيران في المنطقة الواحدة وبين الاقارب
مهما تغيرت الازمنة والظروف والأماكن يحرص العراقيين المغتربين كذلك على احياء طقوس العيد التي اعتادوا عليها من قبل لعدة أسباب أهمها اضفاء نكهة لحياتهم ببلد المهجر وان يجعلوه يختلف عن أيامهم العادية على مدار السنة. من ناحية فهو يخفف عليهم صعوبة الغربة، ومن ناحية اخرى هي محاولة للحفاظ على طقوس أحبوها من ايام آباءهم وأجدادهم. السبب الاخر هو ان الكثير من العوائل العراقية المغتربة تحرص على ان يتعلم اولادهم الصغار هذه الطقوس وان يكونوا جزءا منها. مثل شراء ملابس العيد والذهاب الى السوق لشراء الحلويات واهم من هذا كله والذي يضفي نكهة وطعم خاص للعيد هو تبادل الزيارات واللقاءات الاجتماعية في محاولة لنسخ لمة الأهل والجيران والاصدقاء. بعض العراقيين في المهجر يخططون كعوائل وبالتعاون مع جمعيات المغتربين العراقية والعربية في المهجر بإقامة اُمسية بمناسبة العيد يتخللها إلقاء شعر، مسابقات للأطفال وحفل موسيقي
البعض من العوائلل العراقية المقيمة في دول لايعتبر فيه العيد عطلة رسمية مثل بريطانيا، الولايات المتحدة، وكندا، تلك العوائل تعودوا ان ياخذوا ايام العيد اجازة. الاب و الام ياخذوا اجازة من العمل، وهناك بعض العوائل لايرسلون اولادهم الى المدارس خلال ايام العيد بعد اخذ الإذن والترتيب مع ادارة المدرسة
مهما تغيرت الأحوال، الظروف، المكان والزمان فان العراقيين يسعون الى ان يجعلوا العيد له نكهة خاصة تميزه عن باقي ايام السنة
الصور: نجلاء حميد