ليلى طارق الناصري.
منذ أكثر من سنتين طرأ على بالي فكرة بسبب عودة مهجرين سوريين من منازلهم عد أن حررت إلى مركز الإيواء الذي اعمل فيه !! وكان هذا الشيء جعلنا نحن العاملين في المنظمة مستغربين لما الناس عادت إلى مركز الإيواء بعد أن كانوا يريدون العودة إلى بيوتهم حتى لو يضعوا خيمة في البيت ويعيشوا !! هذه العبارة التي كان يرددها كل المهجرين تقريبا بسبب معاناتهم لفقدان الخصوصية في المراكز الإيواء والمخيمات المهجرين.
لذلك ذهبت لزيارة هؤلاء العوائل في غرفهم والاستفسار عن أسباب عودتهم من منازلهم التي يفترض انها الأفضل لهم وكانت هناك عدة أجوبة إلا إنها تتلخص بما يلي:
- عدم قدرتهم على العيش في منزلهم بسبب التخريب الدمار الذي تعرضت لها منازلهم.
- المنطقة نفسها التي يوجد فيها المنازل أصبحت صعب جدا العيش فيها بسبب التلوث البيئي والتعامل مع أكوام الأنقاض والحيوانات المتوفرة فيها من كلاب أصبحت شرسة وقطط وفئران وأفاعي و إلخ مما لم يكن متوفر فيها سابقا ويشكل خطورة على سلامتهم الشخصية.
- عدم وجود أي خدمات تساعدهم على التخلص أو التحجيم هذه العوائق والمشكلات.
ومنها نبعت فكرة برأسي وذلك إننا بحاجة ماسة إلى برنامج تدريبي متكامل يضم العديد من المهارات والمعلومات التثقيفية التي يجب آن يزود بها المهجرين بشكل منهجي حتى يتمكنوا من العمل على إصلاح منازلهم بأيديهم وبأقل كلفة ممكنة وهي بمثابة (إسعاف أولي للمنازل المتضررة) وبدأت بجمع معلومات التي يحتاجها هكذا برنامج واستطعت بالاستعانة بأصدقاء جميلين يحب فعل الخير دونما مقابل أن نشكل فريق متكون من :
- مهندس مدني
- مهندس معماري
- مهندس كهرباء
- خريجة كيمياء
- عاملة في برنامج الماء والإصحاح
- أخصائي في تقييم المشاريع والبرامج الدولية
- أخصائية نفسية ومدربة مدربين.
وضللنا نعمل معا لمدة سنة وأكثر بسبب صعوبة التقاءنا جميعا بنفس الوقت لأنه كل منا لديه عمله والتزاماته وكنت احرص على أن اجمعهم مع بعض قدر الإمكان من اجل الحصول على أفضل النتائج وبعد جمع المعلومات اللازمة قمت بوضع جلسات متسلسلة وفيها أنشطة عملية ومنهجية كاملة لكيفية إعطاء التدريب كي ندرب المدربين عليه وكذلك ندرب المهجرين عليه للاستفادة منه عند العودة إلى منازلهم في مناطقهم المحررة
وأطلقت أسم ( بيتي الآمن) عليه وبدأت عملية البحث عن ممول من اجل دعم المشروع وتطبيقه في الميدان وهذا يتطلب دعم لوجستي كذلك يتطلب موافقات رسمية وأمنية تسمح لنا كفريق الدخول إلى مراكز الإيواء وغيرها من الأمور وأخذت عملية البحث عن مسوق أكثر من سنة إلى أن جاءت الفرصة عن طريق تمويل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين سوريا ( UNHCR) لمبادرات شبابية مع شريك محلي وهي جمعية سورية محلية خيرية اسمها الندى وكانت البداية في 1/ 10 / 2016 أنطلق المشروع كمبادرة تطوعية عملنا كإفراد فريق تطوعي 100% دون أي مقابل والتمويل يتم للأمور اللوجستية والموافقات الرسمية والحمد لله بدأ الفريق العمل تحت قيادتي وأشرافي واستطعنا تدريب وتأهيل 80 شخص من أصل 200 المتواجدين في مركز الإيواء
المشروع يتلخص في :
الجانب النفسي : وهو العمل على الصدمة وامتصاصها لدى المهجرين حيث يتم طرح أفلام وصور توضح الخراب الحاصل في المناطق نتيجة الحرب ومن ثم نطرح تجارب لبلدان نهضت بعد الحرب والخراب وكيفية قيامهم بذلك لهذا نحن أيضا نستطيع.
وإكسابهم مهارات العمل الجماعي وكيفية التنظيم ومواجهة التحديات التي قد يتعرضون لها من الناحية النفسية كيفية تقبل الآخر وفض النزاعات بشكل سليم وتقسيم المهام وكيفية اختيار القائد ولكل مرحلة هناك قائد وضع خطة وسقف زمني للإنجاز وغيرها من الأمور التي يحتاجها عمل الفريق.
الجانب المعلومات :
هو يضم أهم الأفكار والمعلومات التي تساعدهم على رفع الأنقاض وتنظيف بيوتهم وإعادة تأهيلها بطريقة بسيطة وبأقل كلفة مع تدريبات وأنشطة عملية.
والفئات المستهدفة كانت من كلا الجنسين ومن عمر ( 13 سنة الى 60 سنة)
غير أن كل فئة طريقة التقديم للمعلومات والأنشطة تختلف حسب متطلبات العمر والجنس.
وقد تم خلق بيئة مشابه للمنازل المتضررة وكانت كورشة عمل ختام للمبادرة حتى أتمكن من قياس ومعرفة مدى الفائدة التي حققها المشروع لدى المهجرين وقد تم انجاز هذه الورشة وكانت نتائجها مرضية بدرجة ممتازة وقد تم استخدام الاختبارات القبلية والبعدية للصحة النفسية وكذلك للمعلومات حتى يكون لدي نتائج علمية وقدرة على قياس مدى التحسن بشكل منهجي والحمد الله كانت النتائج باهرة ورائعة وقد تم تكريمنا من قبل الجهة الممولة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR) ) سوريا وجمعية الندى
وفي الحقيقة أن من الأجمل الأشياء التي حصلت عليها من خلال هذه التجربة الغنية بكل شيء إنسانيا وخبرة مهنية كانت محبة الناس وتفاعلهم الرائعين وأود هنا أن أخصكم بذكر قصة حدثت لي خلال فترة تنفيذ المشروع ( بيتي الآمن ) ألا وهي إن أحدى المشاركات من النساء وهي أرملة ولديها ابن شهيد وأم لخمسة أطفال اثنان منهم مشتركين معي بفئة اليافعين قد أصرت على أن تدعوني إلى غرفتها في مركز الإيواء ووجدت أنها قد أعدت وجبة غداء من أكله فاخرة ولذيذة لي ولفريقي وفاجأتني بتقديمها لي نسخة من القرآن الكريم كهدية وهذه النسخة هي احدي نسختين هي كل ما استطاعت إخراجه من بيتها المحطم والمتضرر بعد العودة له وزيارته ورؤية الحطام وقد فاجأتني جدا وسألتها هل أنتِ متأكدة انكِ ترغبين بإهدائي هذه الهدية؟ّّ!! وقد كان جوابها سريعا وحازما نعم أريد ذلك لأنك وفريقك منحتموني الأمل بالعودة إلى منزلي والقدرة على أعادة بنائه والعيش فيه مرة ثانية.
لقد طلبت منهم أن يهدوا جميع أمواتي من أهلي وأقاربي الدعاء بالرحمة وصلاة لهم كلما تذكروا معلومة واستفادوا منها في حياتهم العملية لأنني نويت إهداء ثواب عملي وأجره إن كان فيه أجرا عند الله إلى أرواح الغاليين عليّ من أقاربي وأهلي خصوصاً ( أبي وزياد و بهزاد ورغد – رحمهم الله جميعاً- )
لا يوجد مطلقاً أجمل من ان تحلم حلماً جميلاً لك ولمن حولك ويمكنك الله من تحقيقه ألف حمد لله وألف شكر لله لأنه جعلني قادرة على تحقيق أحلامي أتمنى لكم جميعاً أن تكونوا قادرين على الحُلم وقادرين على تحقيق ما تحلمون به.
شنو هل الروعة والرقي في التفكير ليلى، عفية عليج .. بارك الله فيك ومن معك في الفريق و إن شاءالله يارب يقدركم على فعل عمل الخير دائما.