المزيد من الديمقراطية ولا للمحاصصة، هذا ماتقوله روان سالم حسين، طالبة عراقية في المرحلة الثانوية.
بعد سقوط صدام حسين في العام 2003، كان لدى الشعب العراقي وخصوصا الشباب منهم امل في بناء دولة جديدة تجمع اطياف الشعب جميعها تحت مظلة المساواة والعدالة. لكن النظام السياسي الذي جاء فيما بعد فشل في تقديم ذلك.
لايمكن الاعتماد على الوضع الامني، البطالة مرتفعة جدا. الربع من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر. الطاقة الكهربائية في انقطاع مستمر عند ارتفاع درجات الحرارة في البلاد – حتى بعد انفاق 40 مليار دولار على شبكة الكهرباء خلال ال15 عام الماضية. بالنسبة للمستشفيات فالخدمات سيئة جدا. التعليم انحدر بصورة سريعة الى اسوأ مايكون عليه. المدارس تتفكك بمافيها وهناك خرق وتجاوز لحقوق الطفل. الجماعات المسلحة تتحرك بحرية وفوق القانون وتتجاوز هيبة الدولة. قطاعي الصناعة والزراعة وصلوا الى درجة الانهيار الكامل .
باختصار، الحرب قد انتهت لكن هناك معاناة. هل هناك وعي او ادراك لدى القادة السياسيين اليوم في قياس هول الدمار الذي خلفه نظام صدام حسين؟ هل ادركوا الحاجة الماسة الان الى غرس الشعور بالحماس في شباب اليوم لدعم الديمقراطية الجديدة، والتخلص من ترسبات دكتاتورية دامت ل30 عاما؟
الجواب لكل هذا هو لا
فشل الطبقة السياسية ادت الى ظهور جيل جديد من العراقيين. هذا الجيل لديه وعي من ان قادة اليوم لايملكون اي قوة تحمل بضمنها سمة اخلاقية وانهم لايمثلون تطلعات هذا الجيل. وهذه النظرة يشعر بها الكثيرين وعلى نطاق واسع جدا، خاصة بعد ان اصبح واضحا ان اولئك القادة السياسيين يستغلون الدين ويستخدموه كغطاء لسرقة ونهب المال العام (والتي كانت الشرارة لانطلاق حركات التظاهر والاحتجاجات).
الحديث بصورة علنية يحمل معه مخاطر محتملة. بعد ان تم استضافتي على احدى القنوات المحلية والتي فيها انتقدت احد السياسيين، شب حريق في بيت اهلي. لانعلم ان كان الحريق سببه حادث عرضي ام بفعل فاعل.
عندما طلبت مبادرة (المستقبل المفتوح) التابع لمجلة الايكونومست ان اكتب عن رؤية الشباب حول الكيفية المثلى لحكم العراق، تواصلت مع شباب عراقيين اخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. العديد منهم يؤمن ان العراق انتهى على ايدي زعماء فاسدين وان البلد اصبح فريسة جهات تملك القوة والنفوذ وتتمثل في دول الجوار ، بالاخص العربية السعودية، ايران وتركيا. يرى اولئك الشباب ان السلطة السياسية قد فقدت شرعيتها وانها ميتة – تحتاج فقط الى شهادة وفاة رسمية.
المشكلة الاخرى هي في هيكلية النظام السياسي القائم على المحاصصة، وفيها الاحراب السياسية من الشيعة، الاكراد والسنة جميعهم يتقاسمون مناصب البرلمان فيما بينهم. هذا السلوك اضر بالبلد. الحكومة تقوم بتوزيع الوظائف بشكل لايمت بصلة الى الكفاءة او الخبرة، ولكنه يستند الى الانتماءات الطائفية والسياسية. هذا يعزز من مكانة الاحزاب الطائفية ويبقي على واقع الحال. وهذا طبعا يغذي حالات الفساد الاداري المتفشية.
الشباب العراقي يؤمن بان انتخاب رئيس مباشر، بالرغم من كونه سيتمتع بسلطة مطلقة – لكن من الممكن ان يكون هو الحل الافضل. هذا لانه النظام البرلماني الحالي االذي يعتمد على مبدأ ابرام الصفقات، غير قادر على انتاج طبقة سياسية تستطيع الالتفات الى مطالب الشباب او حتى الاستماع الى اهتماماتهم. الشعور العام ان هؤلاء البرلمانيون لايمثلون اولئك الشباب او محافظاتهم. وجودهم لاجدوى منه وفي الحقيقة فانهم يشكلون عبأ على ميزانية الدولة بسبب رواتبهم العالية وانفاقاتهم.
يجب قطع رأس الفساد من خلال الغاء ومنع نظام المحاصصة. سيصبح العراق افضل بكثير عند الابتعاد عن المحاصصة الدينية لان الناس سيخدموا البلد على اساس الجدارة، وليس على اساس مجتمعي. مشاريع الاصلاح الحالية لاجدوى منها – وكأنه اطلاق النار على شخص ميت بالاساس.
العراق يمر بوضع خطير، نحتاج الى رؤية جديدة تأخذ بالاعتبار الوعي والادراك السياسي للشباب العراقي، الذي يؤمن ان التظاهرات والاحتجاجات ستحقق اهدافهم. وستكون هناك تظاهرات واحتجاجات قادمة اذا لم تلبي الحكومة وتستجيب لمطالب الشعب.
التشكيلة الجديدة للحكومة في العراق لن تكون سهلة المنال او يتم تحقيقها بيسر، لكن سيتم ذلك بشغل حثيث وجهد كبير.
————————————
روان سالم حسين هي طالبة في المرحلة الثانوية عمرها 16 عاما وناشطة اجتماعية من محافظة بابل.
(المستقبل المفتوح) هي مبادرة من مجلة الايكونومست لتشجيع الحوار في كل ارجاء العالم في عدة مجالات كالاسواق العالمية، التكنلوجيا، والحرية في القرن العشرين.
ترجمة: احمد طاهر
المقالة الاصلية باللغة الانكليزية هنا